تخطى عدد الأجانب الذين حصلوا على الجنسية الكورية 100 ألف شخص حتى الآن ، وهو ما يشير إلى أن كوريا تمضي بخطوات متسارعة لتصبح مجتمع متعدد الثقافات .
ومن المتوقع أيضا أن ينضم مائة ألف آخرون إلى هؤلاء خلال وقت أقل .
لكن ذلك يبرز تساؤلا مهما جدا ، وهو : هل كوريا مستعدة بالفعل لأن تصبح مجتمعا متعدد الثقافات ؟
وكانت وزارة العدل قد أعلنت أول من أمس الاثنين أن البروفسور الهندي "روي ألوك كومار" الذي يعمل في جامعة بوسان للدراسات الأجنبية ، قد أصبح الأجنبي رقم 100 ألف الذي يحصل على الجنسية الكورية ، وذلك منذ تأسيس جمهورية كوريا قبل 63 عاما .
ويأتي ذلك بعد 54 عاما من حصول رجل يدعى "سون إيل سونغ" من أصول تايوانية ، على الجنسية الكورية الجنوبية كأول أجنبي في هذا السياق ، وذلك في الثامن من فبراير من عام 1957 .
ويشار هنا إلى أنه حتى عام 2000 كان متوسط عدد الأجانب الذين يحصلون على الجنسية الكورية سنويا في حدود 30 شخصا فقط ، لكنه تضاعف بشدة بعد ذلك .
وبالنسبة للبروفسور كومار فقد جاء إلى كوريا لأول مرة في عام 1980 في إطار منحة دراسية من الحكومة الكورية ، ثم تزوج امرأة كورية وأنجب منها بنتين.
وفي تصريحات أدلى بها للتعبير عن مشاعره باعتباره الأجنبي رقم 100 ألف الذي يحصل على الجنسية الكورية ، قال كومار إن كوريا قد أصبحت منفتحة بما فيه الكفاية من أجل قبول الأجانب كمواطنين ، وأنه أيضا أصبح أكثر استعدادا لقبول كوريا كوطن له .
وتتضمن تلك التصريحات إشارات مهمة جدا في هذا السياق ، فهناك ثقافة تقليدية متجذرة بين الشعب الكوري تشدد على أنه الشعب الكوري شعب من جنس واحد غير مختلط ، ومن ثم كانت لدى الكوريين دائما مشاعر غير ودودة ، بل وأحيانا عدائية ، تجاه الأجانب .
لكن المجتمع الكوري قد أصبح بالفعل أكثر انفتاحا وقبولا للأجانب خلال السنوات الأخيرة ، وكان قرار البروفسور كومار بأن يتقدم بطلب للحصول على الجنسية الكورية بعد 31 عاما قضاها هنا ، تعبيرا عن تلك التحولات العميقة التي شهدها المجتمع الكوري نحو الانفتاح على الأجانب وقبولهم .
ولذلك فإن وصول عدد الأجانب المتجنسين بالجنسية الكورية إلى مائة ألف ، يعتبر إشارة قوية على حدوث نقطة تحول مهمة في مسيرة المجتمع الكوري الجنوبي .
وبالنظر إلى حقيقة الزيادة الكبيرة في زواج الكوريين من أجانب ، بالإضافة إلى تدفق العديد من العمال الأجانب على كوريا ، فإن المجتمع الكوري الجنوبي يمضي في طريق محتم لأن يصبح مجتمعا متعدد الثقافات .
ولكن للأسف فإن أفكارا مثل "نقاء الدم" ، و"الحفاظ على الجنس الكوري نقيا" ، مازالت موجودة بين العديد من مواطني كوريا.
أما المجتمع "متعدد الثقافات" فيعني قبول كل مواطنيه ، بغض النظر عن الاختلافات فيما بينهم ، سواء كانت تلك الاختلافات عرقية أو دينية أو غيرها.
ومن ثم يتوجب للوصول إلى مثل هذا المجتمع أن يحدث تغيير كبير في وعي وإدراك الكوريين أولا تجاه الأجانب ، كما يتوجب تعديل وتغيير القوانين ذات الصلة لتتلاءم مع التعددية الثقافية في المجتمع .
ونشير في هذا الصدد إلى نموذج جيد ، ألا وهو تعديل قانون الهجرة الذي يسمح الآن بامتلاك جنسية ثانية بالإضافة إلى الجنسية الكورية ، والذي دخل حيز التنفيذ مؤخرا .
وبالتالي فإن زيادة عدد الأجانب الحاصلين على الجنسية الكورية سوف يمثل خطوة أخرى مهمة على هذا الطريق